عسل النحل.. حبة البركة.. التلبانة علاجات نبوية تداوى بها الرسول (عليه الصلاة والسلام) وأصحابه منذ أكثر من 1400 سنة، ووردت فيها أحاديث كثيرة كلها من الصحاح، والآن أصبح الطب النبوى، أو كما يطلق عليه الغرب "الطب البديل" علما يدرس فى الجامعات العالمية، ويهتم به الغربيون، ونحن المسلمين لا نعرف عنه شيئاً، وإن عرفنا لا نستخدمه، بل نهرول وراء الأدوية والمركبات العلاجية الكيميائية التى نحصد أثارها ومضاعفاتها إلى الآن فى صورة أمراض لم نكن نسمع أو نعرف عنها شيئاً. حول إعجاز الطب النبوى حاورت د. أمير صالح - استشارى العلاج الطبيعى فى الولايات المتحدة، والباحث المسلم المهتم أساساً بمجال الاستشفاء بالطب النبوى. هل نستطيع القول إن الطب النبوى حل محل العلاج بالعقاقير فى الغرب؟ بالفعل؛ لقد أخذ الغرب من الطب النبوى أكثر مما نتصور، على سبيل المثال: توجد معامل متخصصة فى أكثر من دولة غربية على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية لاستخلاص مكونات العسل، وتصنيع أدوية منه، كما يوجد عندهم بخلاف الصيدليات أماكن أخرى تسمى (Healthstore) أى متجر صحى تباع فيه الأعشاب الطبيعية، وبه أكثر من مائة نوع من أنواع العسل تستخدم فى علاج كثير من الأمراض. فهذا على سبيل المثال علم قام بأكمله على أحاديث الرسول (عليه الصلاة والسلام) عن فائدة العسل، وحتى الآن لم يحاول المسلمون أن يتجهوا إلى هذا النوع من العلاج إلا لمامًا، على الرغم أن رب العزة (سبحانه وتعالى) ذكر العسل فى القرآن. لماذا لا يضاف جزء شرعى ودينى لمناهج كليات الطب لدعم فكرة العلاج الإيمانى؟ وخصص فى كتابه سورة كاملة باسم النحل، والرسول (عليه الصلاة والسلام) ذكره فى أحاديث صحيحة، قطعية الدلالة وقطعية الثبوت. التلبانة مضادة للاكتئاب: وماذا غير العسل؟ هناك مثلاً التلبانة، وهى عبارة عن عجينة الشعير (أو ماء الشعير المغلى)، وتعد من دقيق الشعير الذى يحتوى على النخالة، ويصنع منها ما يشبه المهلبية، وقد نوه الرسول (عليه الصلاة والسلام) إلى أن التلبانة تخفف الحزن، وبلغة العصر فهى مضادة للاكتئاب، وتقوى الأعضاء. وقد تدهشين إذا عرفت أن 90% من الشعب الأمريكى يعتمدون فى إفطارهم على التلبانة، فهى تباع مصنعة على الأرفف فى محلات الأغذية، وأولادى الذين ولدوا هناك تعودوا على أني فطروا منها، وعندما سافرت إلى لتوانيا - وهى إحدى دول الاتحاد السوفيتى - وجدت أن التلبانة وجبة إفطار رئيسية، ونحن لا يوجد عندنا أى فكرة عنها، بل إن المواطن العربى لا يأكل الشعير أساساً. والأمر العجيب أن مراكز البحوث الزراعية فى كندا وأمريكا أجرت بحوثاً على الحبوب بمختلف أنواعها فوجدت أن التلبانة تحتوى على فيتامين E وهو مضاد للأكسدة، وفيتامين A وفيتامين B بمركباته الثلاثة B12, B6, B1، وهذه الفيتامينات لها تأثير على قوة الأعصاب، ولذلك أنصح كل من يشكو من تنميل فى الأطراف بالعودة إلى السنة النبوية "التلبانة" لتقوية الأعصاب. الحبة السوداء.. شفاء أما الحبة السوداء.. فقصتها عجيبة، وجدت فى أمريكا بعض أنواع الخبز معجوناً بالحبة السوداء، فلم يلفت انتباهى خاصة أن هناك مئات الأنواع من الخبز، ولكن أثناء زيارتى للتوانيا فى الصيف الماضى وجدت أن كل الخبز مضافاً إليه الحبة السوداء، وكانت بصحبتى مترجمة فقالت لى: إن المراكز البحثية فى لتوانيا أكدت أن الحبة السوداء مفيدة للجسم، ولذلك قررت زيارة مركز أبحاث الخبز، وهناك عرفت أن الحكومة أصدرت قراراً بتعميم إضافة الحبة السوداء إلى جميع أنواع الخبز، نظراً لفوائدها الصحية ودورها فى تقوية مناعة الجسم. فاندهشت؛ لأن عندنا حديثاً يحياً لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: "الحبة السوداء شفاء من كل داء، إلا السام وهو الموت". فأين نحن من سنة الرسول (عليه الصلاة والسلام) فى بلد يعانى كل أهله من أمراض مزمنة مثل: السكر، والضغط، والفشل الكلوى، والسرطان. ﴿ ما ينطق عن الهوى ﴾ قرأت فى بعض الأبحاث أن حبة البركة ليست هى الحبة السوداء التى ورد ذكرها فى حديث الرسول (عليه الصلاة والسلام) فهل هذا صحيح؟ وأنا قرأت أبحاثاً أخرى تؤكد أن الحبة السوداء هى حبة البركة الموجودة عندنا، وهذا السؤال نتوجه به إلى أهل العلم والاختصاص فى كليات الزراعة، ومراكز الأبحاث ليفيدونا فيما إذا كان هناك فرق أم لا. وأقول إن الالتزام بهدى وسنة نبينا (صلى الله عليه وسلم) فيه صلاح وشفاء للأمة، ولذلك كم كان القرآن بليغاً عندما تحدث عن المرض إذ لم يأت بلفظ "علاج"، لأن العلاج له وجهان قد يصيب أو يخطئ، ولكن الآية تقول: ﴿ وإذا مرضت فهو يشفين ﴾ ، والشفاء هو الجزء الإيجابى فى العلاج. العلاج الإيمانى: هناك دراسات تؤكد أن الإيمان شفاء مؤكد من الأمراض هل لمست تطبيقات عملية لهذا المبدأ خلال عملك فى أمريكا؟ العلاج الإيمانى من أنواع العلاج الموجودة فى كل مستشفيات الولايات المتحدة الأمريكية، وأشدد على كلمة "كل" ويسمى بمعنى أدق Spiritual support إذ يوجد فى كل مستشفى قسم يشرف عليه راهبات أو قساوسة أو حاخامات حسب الديانة يتحدثون مع المرضى، ويصلون معهم قبل العمليات، إذ أثبتت الدراسات الطبية أن المريض الذى يصلى ويوثق صلته بالله يكون فى حالة معنوية مرتفعة، وعنده تقبل للعلاج وقابلية أكثر للشفاء. أدهشتنى الفكرة فسعيت لإفادة مسلمى أمريكا منها، ومن ثم الاتصال بالمساجد والمراكز الإسلامية لإرسال من يدعمون المريض دينياً للتعجيل بشفائه - إن شاء الله. وهذا ما نسميه نحن المسلمين بالتواصى بالصبر، وذكره الله (سبحانه وتعالى) فى سورة العصر فقال: ﴿ وتوصوا بالحق وتواصوا بالصبر ﴾ . فالمريض يحتاج لأهل الدين ليذكروه بالابتلاء وفضل الصبر عليه، ولذلك أتساءل لماذا لا تدرس بعض المناهج الشرعية فى كلية الطب أو على الأقل الطب النبوى. ويكفى أن نعرف أن غير المسلمين يقومون بذات حركات الصلاة؛ لأن إحدى الدراسات أكدت أن حركات الصلاة تحمى من خشونة الفقرات، خاصة أمراض المفاصل. وينتشر فى الغرب حالياً نداءات بتحريم الخمور للحد من الحوادث، والزواج المبكر للفتاة لحمايتها من الإصابة بالأمراض الناتجة عن الانحرافات الجنسية. السنة تعالج السمنة: صارت السمنة مشكلة عالمية.. فهل هناك رؤية إسلامية لعلاجها أو الوقاية منها؟ حضرت برامج كثيرة لعلاج السمنة، ورأيت فى أحد المراكز راهبة مع البدناء، وتتحدث معهم فوجدتها تقول لهم: إن الذى يحول الطعام إلى دهون فى الجسم هو الله، فتعالوا نلجأ إلى الله قبل أن نلجأ لوسائل التخسيس، فرقعوا أيديهم وظلوا يدعون الله. وهذه ليست دعوة لعدم الأخذ بالأسباب، فالدعاء هو أهم الأسباب. ويتبلور العلاج النبوى للسمنة فى مجموعة من أحاديث الرسول (عليه الصلاة والسلام) منها: "نحن قوم لا نأكل حتى نجوع وإذا أكلنا لا نشبع". فإذا حرص كل فرد على ألا يأكل حتى يجوع، وإذا أكل لا يصل إلى حالة الامتلاء فلن يتكون له كرش؛ لأن الكرش يحدث نتيجة الأكل بكميات أكبر من حجم المعدة فتتمدد المعدة، ويحدث ضعف وتراخ فى عضلات البطن فيتكون الكرش. وفى حديث آخر يقول: (صلى الله عليه وسلم): "المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء". الحمية هى التمرينات فالمسلم (رجلاً أو أمرأة) يجب أن يكون نشيطاً رياضياً ليؤدى دوره داخل الأسرة وخارجها. وحديث أخر يحسم مشكلة السمنة: "بحسب بن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه". هذه هى سنة نبينا (صلى الله عليه وسلم) فإذا أرادت أمة أن ترشد استهلاكها، وتحافظ على صحة أفرادها فعليها أن تقتفى أثر هذه السنة المعجزة. ماذا تقول لمرضاك، ولكل مريض؟ لا تقنطوا من رحمة الله، فرب العزة عندما أرسل لنا حبيبه (صلى الله عليه وسلم) أرسله رحمة لنا، فإذا أردتم هذه الرحمة إذا اشتدت عليكم آلام المرض تأسوا بسنة نبيكم (صلى الله عليه وسلم) وإياكم وجملة: هذا المرض ميئوس من شفائه؛ لأن علينا أن نثق فى كلام رسول الله (صلى الله عليه وسلم): "تداووا عباد الله.. ما أنزل الله من داء إلا أنزل له دواء" تداووا دعوة لعدم التواكل. لذلك أنصح كل مريض بأن يلجأ إلى الله أولاً، فالدعاء قبل الدواء، وبعد أن يضع المريض الدواء فى فمه يفقد السيطرة عليه، ويحتاج إلى قوى عظمى ليسير الدواء داخل الجسم ويكون السبب الثانى فى الشفاء. كلمة لكل طبيب ناشئ.. يا من استودعك الله هذه الأمانة، العلم نعمة ونقمة، نعمة إذا استخدمته فى خدمة الناس، ونشر سنة الرسول، ونقمة إذا تاجرت فى ابتلاءات المرضى، فرفقاً بالفقراء المعدمين، وأربط المريض بالله ﴿ سبحانه وتعالى ﴾ يصح وتصح معه.
الزهور - العدد رقم 19 - فبراير 2002