حرمل (باللاتينية: Peganum harmal) أو غلقة الذئب نبات عشبي معمر، كان يصنف ضمن الفصيلة القديسية قبل أن ينقل عام 1996 إلى فصيلة (باللاتينية: Nitrariaceae).
الوصف النباتي: يبلغ ارتفاعه 60 سنتيمتر، ذو أوراق مفصصة، ورائحة مميزة، وأزهاره بيضاء كبيرة، ويعطي ثمارا علبية بيضية، بها بذور سوداء صغيرة. وينمو النبات بريا في معظم بلدان الوطن العربي، خاصة في المناطق الصخرية في البيئات ذوات المطر الوفير نسبيًا، كما ينمو في كثير من بلدان البحر الأبيض المتوسط.
المحتويات: تحتوي بذور الحرمل على ثلاثة قلوانيات هي: الحرملين harmalin، والحرمين harmine، والحرمالون harmalon، وفي مجموعها تكون حوالي 4% من وزن البذور الجافة. والحرملين يمثل ثلثي هذه الكمية. كما تحتوي أزهار وساق النبات على قلواني البيجارين pegerine.
الاستعمال ثمار الحرمل: يعود استعمال الحرمل إلى عهد الإغريق، حيث استعملوا مسحوق البذور في العلاج من الديدان الشريطية، ولا تزال البذور تستعمل في هذا الغرض في الطب الشعبي، كما تستعمل في إدرار اللبن عند النساء، وتقوية الناحية الجنسية عند الرجال. وقد أثبتت الدراسات أن القلوانيات التي تحويها بذور هذا النبات قاتلة للكائنات الحية الدقيقة، وأنها تؤثر في الديدان الشريطية، كما أن قلواني الحرملين ينشط..الجهاز العصبي.
نبات الحرمل: ينتمي نبات الحرمل (Rhazya stricta Decne) إلى العائلة الرطراطية Apocynacaea، وهو من النباتات الشائعة الاستعمال في منطقة الخليج وبعض المناطق الآسيوية الأخرى لأغراض طبية عديدة سنعرض لها لاحقاً، وتستعمل أوراق وجذور النبات لهذه الأغراض.
اكتسبت هذه النباتات سمعة طيبة خلال العقود الأخيرة كمصدر هام للأدوية، وبدا ذلك واضحاً عندما قامت منظمة الصحة العالمية بدور تشجيعي للعلاج بالأعشاب ومحاولة تنسيقها واستيعابها في نظام الصحة الأولية في دول مختلفة بجانب تطبيق خبرة الطب الحديث. لقد سبق أن أغفل هذا المصدر النباتي الهام خلال القرنين الماضيين بسبب كثرة الأدوية الكيميائية المصنعة. ولا يخفى أن معظم الأدوية المجربة التي أثبتت جدارتها كانت أصـلاً مفصـولة من النباتات
نبات الحرمل مثل الأتروبين والديجوكسين والكينين،ولايزال حوالي نصف الأدوية التي تصرف للمرضى حالياً يدخل في تركيبها أحد المكونات النباتية .
المكونات الكيميائية: تم عمل أبحاث مكثفة لدراسة المكونات الكيميائية لأوراق وجذور نبات الحرمل خاصة في الباكستان والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة حيث قام العلماء في هذه الأقطار وغيرها بعزل ووصف العديد من المواد الكيميائية الهامة، والتي تشمل مختلف أنواع أشباه القلويات Akaloids، والتي يزيد تعدادها عن العشرة، وكذلك فقد وجدت أنواع مختلفة من أشـباه فلافينيودات Flavoinids والجلايكوســيدات Glycosides والتانين Tannins، وثبت في العديد من الدراسات أن النشاط البيولوجي لنبات الحرمل يعتمد على أفعال هذه المكونات الكيميائية المختلفة. ولعل مرارة طعم أوراق الحرمل يأتي كنتيجة لوجود الكثير من أشباه القلويات مما يجعلها غير مستساغة للبهائم في المرعى.
الاستعمالات الشعبية : لعل نبات الحرمل من أكثر النباتات استعمالاً في الطب الشعبي في مناطق كثيرة من العالم مثل المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج والدول المحيطة بها مثل إيران وباكستان والهند. فلقد استعمل الحرمل، ومنذ عهود طويلة ضد داء الزهري (السفلس) والروماتيزم وكل أنواع الآلام والديدان الأسطوانية .
الأبحاث التجريبية على الآثار البيولوجية لنبات الحرمل: تم القيام بالعديد من الأبحاث التجريبية على الآثار البيولوجية لنبات الحرمل على الفئران والجرذان والأرانب وخنازير غينيا في عدد من المختبرات بالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية وغيرهما، وكان الغرض الرئيسي من إجراء هذه الأبحاث هو إيجاد قاعدة معلومات أساسية عن هذا النبات الهام وآثاره الحيوية على مختلف أعضاء وأنسجة وخلايا الجسم.
وتشكل هذه المعلومات أساساً ضرورياً لأي دراسات قد تجرى على البشر الأصحاء أو المرضى ولأي محاولات لتصنيع مستخلصات هذا النبات وتطويرها لتصبح دواء للاستعمال البشرى أو البيطري. وشملت هذه الدراسات التجريبية تأثير مستخلصات النبات على الجهاز العصبي المركزي والحمل والأجنة وبعض الغدد الصماء، وكذلك شملت هذه الدراسات تأثير مختلف المستخلصات من هذا النبات على الأعضاء المعزولة من بعض حيوانات التجارب كالجرذان والأرانب مثل القلب والأمعاء .
تأثير مستخلصات أوراق الحرمل على داء السكري التجريبى : كان ومازال بعض المصابين بداء السكري يستعملون نبات الحرمل كعلاج، إما بمفرده أو بالإضافة إلى الأدوية المتعارف عليها والتي يصفها الأطباء. وقد لا يخلو هذا الأمر من خطورة عند الجمع بين بعض مستخلصات هذا النبات وبين الأدوية المخفضة للسكر في الدم، كما أشار إلى ذلك بعض الأطباء خاصة عند عدم إعلام المريض للطبيب بما يتناوله من نبات طبي، إضافة إلى الأدوية الموصوفة من قبل الطبيب المختص.
وتم في أحد الأبحاث التجريبية إعطاء جرذان سليمة وأخرى مصابة تجريبياً بداء السكري عدة جرعات من بعض مستخلصات أوراق الحرمل إما بمفردها أو مع دواء (الذي يعطى عادة بالفم لمرضى السكري). وجد في هذا البحث أن مستخلصات الأوراق لا تؤثر على تركيز السكر وهرموني الأنسولين Insulin والجلوكاجون Glucagon في الدم لمدة 4 ساعات بعد الإعطاء،بيد أنها تقلل من تركيز السكر وترفع من تركيز هرمون الأنسولين. وعند إعطاء هذه المستخلصات سويا مع دواء قلبين كليمايد، فقد وجد أن التأثير على تركيزي السكر والأنسولين في الدم يشتد، مما يدلل على أن هنالك تداخلاً بين عمل النبات وقلبين كليمايد (وقد يصح هذا الأمر على بقية هذا النوع من الأدوية)، وأنه يتوجب عدم تناول الحرمل (أو أي نبات طبي آخر) مع الأدوية المخفضة للسكر إلا بعد استشارة الطبيب المختص .
تأثير مستخلصات أوراق الحرمل على الحمل والأجنة: نسبة لشيوع استعمال أوراق نبات الحرمل بين المرضى من النساء الحوامل أو المرضعات، وكذلك لبناء قاعدة معلومات علمية عن هذا النبات (يعد أمراً ضرورياً إذا رغب في تطوير مستخلصات النبات في عمليات التصنيع الدوائي). ومن المعلوم أن هناك كارثة قد صاحبت استعمال دواء ثالدومايد منذ أربعين عاماً تسببت فى إحداث تشوهات خلقية، لذا كان لزاماً على شركات الأدوية معرفة ما إذا كانت أي مادة قد تطورت لتصير دواء له تأثيراً ضاراً على الحمل والأجنة أم لا. ويتم ذلك بدراسة تأثير هذه المادة على فئران أو جرذان خلال فترات محددة من فترة الحمل. حيث أن التأثير على الأجنة والمتمثل فى الضمور والتشوهات الخلقية والإجهاض وغيرها يختلف حسب فترة الحمل التي أعطيت فيها المادة.
وقد أجريت دراسة وحيدة على الجرذان الحوامل اتضح من نتائجها أن العلاج ببعض مستحضرات نبات الحرمل بجرعات متزايدة خلال أيام محددة وخلال فترة الحمل قد قللت من أوزان الحيوانات الحوامل بينما لم تؤثر معنوياً على أوزان الأجنة، ولكنها أحدثت نسبة ضئيلة من التشوهات شملتارتشاف الأجنة ونفوق بعضها.
وقد خلصت الدراسة إلى أنه على الرغم من صغر الخطر الذي يسببه استعمال هذا النبات كعلاج لدى الإناث الحوامل إلا أنه من الأحوط نصح النساء الحوامل بعدم تناول أي من مكونات هذا النبات خلال فترة الحمل والرضاعة حتى تتوفر المزيد من المعلومات حول سلامة هذا النبات عند استعماله في فترة الحمل .
مستخلصات أوراق الحرمل كمضاد للأكسدة : ثبت أنه خلال عملية الأيض في الأنسجة تنتج في الجسم طبيعياً مركبات تضر بالجسم تعرف بالشوارد الحرة Free radicals، قد تؤدى- ضمن ما تؤدى- إلى الأكسدة الفوقية للدهن Lipidperoxidation ، واحتمالية حدوث بعض الأمراض. وتوجد في الجسم الكثير من المواد والإنزيمات التي تقوم بمضادة الأكسدة، وتمثل حماية الأنسجة من هذه الشوارد الحرة. ولقد وجد أن إعطاء بعض مستخلصات أوراق الحرمل للجرذان السليمة يزيد من تركيز بعضاً من المواد المانعة للأكسدة، ويقلل من الأكسدة الفوقية للدهن، مما يشير إلى أنه قد يكون لهذا النبات مكون أو مكونات يمكن الاستفادة منها في تخليق مواد مانعة للأكسدة قد يستفاد منها في علاج بعض الأمراض أو التسمم ببعض الأدوية (مثل براسيتامول Paracetamol ) التي لها علاقة بزيادة إنتاج الشوارد الحرة. ولقد أثبت بالفعل أن بعض مستخلصات الحرمل توفر حماية جزئية ضد التسمم الكبدي التجريبي بدواء براسيتامول .
تأثير مستخلصات أوراق الحرمل على الجاهز العصبي المركزى : لوحظ أن الجرذان والفئران التي تعطى مستخلصات الحرمل تبدو ناعسة وقليلة الحركة، مما دفع ببعض الباحثين إلى القيام بدراسة تأثير هذه المستخلصات على أنشطة الجهاز العصبي المركزي المختلفة وعلى بعض مكوناته الكيميائية. وثبت أن مستخلصات النبات تثبط النشاط الحركي للحيوانات وتسكنها (أي تقتل الألم)، وذلك بآلية تشبه الآلية التي تقوم بها أشباه الأفيونات بذات الفعل.
كذلك ثبت أن إعطاء مستخلصات الحرمل للقوارض تزيد من الفعل المثبط لبعض أدوية الجهاز العصبي المركزي وارتخاء العضلات. ولدراسة التغييرات الكيميائية التي تحدث في الدماغ أثناء وبعد إعطاء مستخلصات الحرمل، فلقد قيست بعض مكونات الدماغ مثل نشاط إنزيم كولين استريز والإنزيم المؤكسد للأمينات الأحادية (MAO) ومادة تربيولين Tribulin، وبعض الأمينات الحيوية مثل دوبامين ونورأدرنالين. وقد أعطت نتائج هذه الأبحاث إشارات تؤكد بأن للحرمل نشاطاً مثبطاً (في الأغلب) على معظم وظائف الجهاز العصبي المركزي التي قيست مما يدعو الباحثين إلى التعمق في هذا الجانب الهام، والذي إذا ثبت في دراسات مقبلة فإنه قد يؤدي لفهم أوضح لطبيعة هذه التأثير، ومدى إمكانية الاستفادة منه عملياً كاستخلاص مواد من هذا النبات تصلح لأن تكون نواة لمركبات أخرى تستعمل في بعض أمراض الجهاز العصبى المركزى .
تأثيرات متنوعة : ثبت أن لبعض مستخلصات جذور الحرمل تأثيراً قاتلاً على الكثير من أنواع البكتيريا بنوعيها (موجبة وسالبة الجرام)، وأن لبعض مستخلصات الأوراق تأثيراً مقللاً لكريات الدم البيضاء مما يرشحها للدراسة كمادة قد تكون ذات فائدة لعلاج بعض السرطانات.
كما وجد أن المستخلصات الكحولية لأوراق النبات تحدث انخفاضاً معنويا في تركيز الكوليسترول ببلازما الدم. كذلك فقد وجد بعض البحاث أن مستخلصات هذا النبات تزيد من حركة الأمعاء المعزولة في بعض الحيوانات المعملية، بينما وجد آخرون أن هذه المستخلصات تمنع زيادة حركة الأمعاء التي تحدثها مادة أستايل كولين.
اختلف الباحثون في تأثير مستخلصات الحرمل على ضغط الدم، فبينما ذكر بعضهم أن ليس لها أي تأثير معنوي على ضغط الدم، نجد أن البعض الآخر قد وجد تأثيراً مخفضاً لهذا النبات على ضغط الدم يشبه تأثير دواء كلوندين Clonidine، وقد يكون مركزى المنشأ .
الاستعمالات العلاجية التجريبية : تمت محاولات لتجريب بعض مستخلصات الحرمل في علاج الجرب وبعض الإخماج البكتيرية في الحيوانات، وأثبتت نجاحاً مقدراً، ولكن يتوجب القول بأن هذه المحاولات يجب تكرارها والتثبت منها وعملها تحت ظروف أكثر انضباطاً حتى تتم الفائدة المرجوة منها.
التأثيرات السامة : معلوم أنه ما من دواء إلا وله أضرارا جانبية قلت أم كثرت- ونبات الحرمل ليس استثناء من هذه القاعدة، فإعطاء جرعات كبيرة جداً منه قد تضر بالكبد، وسبق ذكر مضار الحرمل المحتملة على الأجنة .
نخلص من هذا العرض السريع إلى أن نبات الحرمل من أكثر النباتات الطبية شيوعاً في الاستعمال الطب الشعبي، ومن أكثرها جذباً لاهتمام العلماء ويعتبر من النباتات الواعدة جداً في مجال التصنيع الدوائي بعد أن تتم المزيد من الدراسات المعمقة في الآثار الدوائية والسمية للعديد من مستخلصات ومكونات هذا النبات .