دراسة تأثير الصوم على وظيفة الدماغ باستعمال الرنين المغناطيسي ا
ملخصات أبحاث المؤتمر الدولي الأول للطب النبوي التطبيقي
دراسة تأثير الصوم على وظيفة الدماغ باستعمال الرنين المغناطيسي الوظيفي
مقدمة البحث
يعتبر الصوم عامة، وصوم رمضان خاصة، من السلوكيات الغذائية المهمة في العالم العربي الإسلامي، وهو من الممارسات المشتركة الأكثر تفشيا في هذا العالم. ولذلك نحتاج إلى تأمل مستمر ودراسة متكررة لهذه الشعيرة التعبدية.
من حكم الصوم
من حقائق العبادات العالية أن أفعال الله تعالى لا تخلو من حكمة، وأنه سبحانه ما شرع لعباده شيئا إلا وفيه حكم كثيرة، قد نعرف بعضها وقد لا نعرف شيئا عنها. ومن هده التشريعات الصيام، فهو عبادة كبيرة تحقق فوائد لا تحصى للأفراد و المجتمعات، ذكر العلماء منها: 1- مثلا ما يتعلق بالجانب التربوي الإيماني كتقوية أخلاق الإرادة و الصبر و التحكم في الشهوات... 2- ما يتعلق بالجانب الصحي حيث انه من الثابت أن لكثير من الأمراض صلة بالنظام الغذائي كما و نوعا مصداقا لقول النبي عليه الصلاة و السلام ( ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه )، بل إن أول خطيئة لآدم كانت عن طريق الأكل ﴿ وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ وقد أدرك السلف بشكل عام ليس فقط الأثر السلبي لكثرة الأكل على صحة الإنسان، بل أيضا على وظائفه العقلية فعن أبي سليمان الداراني أنه قال: ( إن أردت حاجة من حوائج الدنيا والآخرة فلا تأكل حتى تقضيها، فان الأكل يغير العقل ). وعن عمر بن قيس قال: ( إياكم و البطنة فإنها تقسي القلب ). و يهتم هذا البحث الذي نقدمه بهده الناحية خاصة.
أهداف البحث
وعلى الرغم من الفوائد المباشرة وغير المباشرة المتداولة لهذه الممارسة السلوكية الغذائية، إلا أنه لم توجد لحد الآن دراسات علمية تتناول التأثيرات و الفوائد المباشرة للصوم على الجهاز العصبي، وتشمل الدراسات المقصودة هنا تأثير الصيام عامة على صحة وأداء الجهاز العصبي عموما وتأثير صوم رمضان خاصة على وظائف الدماغ. في هذه الورقة نتناول تأثير الصوم على التحكم في وظائف الدماغ عند عينة من المسلمين من العالم العربي، وذلك باستعمال الرنين المغناطيسي الوظيفي. وتقتصر هذه الدراسة على متطوعين أصحاء يؤدون الصوم كشعيرة تعبدية.
أما تقنية الدراسة فتقوم على قياس نسبة الأكسجين في أنسجة الدماغ المتحكمة في الوظائف. ويمكن القيام بهذه العملية بقياس الفوارق بين نسبة الأنسجة المؤكسجنة وكذلك قوة الأكسجنة في نفس الأنسجة. وتقوم التقنية على استعمال التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي.
منهج البحث وأدواته
اعتمدت هذه الدراسة ستة متطوعين من العالم العربي بدؤوا الصوم في شهر رمضان ولم يسبق لهم الصوم في شعبان أو خلال السنة و متوسط عمر العينة هو 41 سنة علما أن جميع المتطوعين مارسوا شعيرة الصوم منذ البلوغ.
في هذه الدراسة اعتمدت مجموعتين من القياسات: المجموعة الأولى تم إجراؤها في العشر الأواخر من شهر شعبان في حين أن المجموعة الثانية تم القيام بها في الخمسة أيام الأخيرة من رمضان. وقد أجريت القياسات باستعمال المرنان المغناطيسي بقوة 1.5 تيسلا. وقد قام المتطوعون أثناء القياس بنشاط حركي يدوي حيث أن الوظيفة المستهدفة في هذه الدراسة هي الوظيفة الحركية وبعد الانتهاء من القياسات تم معالجة المعطيات المجمعة. أثناء عملية تحليل المعطيات اعتبرت الفوارق في القياسات دون معنى باعتماد المعيار الاحتمالي لأقل من 0.001 أو واحد في الألف.
نتائج ومناقشة
أظهرت النتائج أن حجم أنسجة الدماغ المعنية بالتحكم بالوظيفي الحركي كان أكبر منه بعد الصيام مقارنة بوضعه قبل الصيام عند كل المتطوعين، كما أظهرت نفس النتائج أن قوة الإشارات العاكسة لمستوى اشتغال الأنسجة الدماغية في الوظيفة المعنية هي أقوى بعد حوالي شهر من الصوم مقارنة بالوضع قبل الصوم مباشرة.
خلاصة البحث
وفي الختام يمكننا أن نخلص إلى ما يلي: أولا: أن العينة المدروسة أثبتت أن للصوم تأثيرا على الحجم المشتغل من نسيج الدماغ بالتحكم في لوظيفة الحركية. ثانيا: أن للصوم تأثير على قوة اشتغال نفس الأنسجة في التحكم الوظيفي الحركي. وفي الأخير يمكن القول أن الصوم كسلوك لنظام غدائي له تأثير مهم على تحسين التحكم في الوظيفة الحركية، التي هي موضوع هذه الدراسة و بذلك ينفتح المجال للدراسة العامة للصوم في مختلف مراحله و تفاعله كنظام للتغذية على مختلف الوظائف للدماغ.
مقدم البحث الدكتور سعيد بجراف من قسم علوم الأشعة والتصوير الطبي والتصوير الجزئي بالرنين المغناطيسي بالمعهد الوطني